مقالات

قرار محكمة العدل الدولية سياسي وليس قضائي .

السفير الدكتور جواد الهنداوي
رئيس المركز العربي الأوربي للسياسات و
وتعزيز القدرات ،بروكسل . ٢٠٢٤/١/٢٦
و اقصد القرار الذي اصدرته اليوم ،٢٠٢٤/١/٢٦ ،محكمة العدل الدولية في لاهاي ،بخصوص شكوى جمهورية جنوب أفريقيا ضّدْ إسرائيل لارتكاب الأخيرة جرائم ابادة ضّدَ الشعب الفلسطيني في غزّة . المحكمة ، وبعد استماعها لمطالعات المدعي ( جنوب أفريقيا ) والمدعي عليه ( إسرائيل ) اتخذت قراراً مُخيّب لآمال الشعب الفلسطيني و آمال الشعوب الحرّة ،والتي عبّرت عن مواقفها و آراءها ،عبر مسيرات لم تتوقف في كافة مدن العالم ،مُندّده بالجرائم التي ارتكبتها إسرائيل في قطاع غزّة ، والتي هي ،بحق ،جرائم ابادة .
قراءة سريعة لبنود القرار تكفي لإدراك ماهيّة القرار وحال المحكمة : قرار سياسي ولم يأتْ بجديد ، و قضاة في حيرة من اجل اخراج صيغة لقرار توافقي يُرضي امريكا و الصهيونية و اسرائيل ، و يرضي ( ليس الفلسطينين وأبناء غزّة ) ،وانما الرأي العام الدولي الغاضب .
اذاً هو ليس قرار انصاف وعدل ،وانما هو قرار أرضاء !
وقرار ارضاء للمجرم و حلفاءه ،و ارضاء للرأي العام الدولي الغاضب !
لم يكْ في وارد ارادة القضاء حتى ارضاء الضحيّة او اهل الضحية ، الشعوب العربية و الإسلامية .
لم تجرأْ المحكمة على ادانة اسرائيل بالوصف القانوني للجريمة التي ارتكبتها في غزّة ،وهي الابادة الجماعية، لانها تدرك التداعيات السياسية و القانونية الجسيمة ،والخطيرة ،ليس فقط على حاضر و مستقبل الكيان المحتل ،و انما حتى على الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية التي زوّدته ،و لا تزال بالدعم العسكري و المالي و السياسي .
ما ذكرته المحكمة في قرارها هو سرد معلومات لما جرى في غزّة وتوصيات ،لا تختلف عن ما تطلبه الولايات المتحدة الأمريكية من إسرائيل، بتجنب قتل المدنيين .
ماذا هو جديد في قرار المحكمة عندما ينّصُ ” نقّرُ بحق الفلسطينيين في غزة في الحماية من أعمال الابادة الجماعية “؟ او ” الشعب الفلسطيني هو مجموعة محميّة بموجب اتفاقية الابادة الجماعية ” ؟
المحكمة ،كما هو واضح ، تلّوح بوقوع جريمة الابادة ،او تحذّر من وقوع الجريمة ، ولكنها لا تريد ان تقّر بوقوعها فعلاً !
عبارات وردت في القرار ليس لها ضرورة ، مثل ” لايمكن رفض دعوى جنوب أفريقيا بالكامل “، او جاءت لتوثيق معلومات ،مثل ” المعلومات تشير إلى مقتل ٢٥ الف شخص و تهجير ٢ مليون …” ، او ” الوضع الإنساني في غزّة يمكن ان يتدهور ” .
قرار المحكمة لم يكْ حاسماً وعُرضة لتفسيرات متباينة ، ولكنه ،من المؤكد لم يدنْ إسرائيل ولم يتحدث القرار عن وقف الحرب ، لمنع استمرار إسرائيل من ارتكاب ابادة جماعية ،كما أكّدَ القرار في متنه على حماية الفلسطينيين من الابادة الجماعية .
تشعر إسرائيل بالارتياح على ما جاء بالقرار ، وتشعرُ الآن بأن لديها مطلق الحرية في الاستمرار في ممارسة القتل والتجويع و التشريد والتهجير .
ويشعرُ الفلسطينيون في غزّة و في الضفة ،والذين يحملون السلاح ويقاتلون ،بأنَّ لا حول ولا قوّة لهم الاّ بالله و بسلاحهم .
للأسف ، من دروس هذا القرار هو لا اعتماد على القضاء الدولي في نزاع تكون فيه إسرائيل طرفاً ، وهذا الاستنتاج يرسّخ ،مرّة اخرى ، القول والتطبيق بأنَّ مصلحة إسرائيل فوق القانون الدولي .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى