مقالات

مرافعة تاريخية للسلطنة في محكمة العدل الدولية

 

خميس القطيطي

قدَّمت سلطنة عُمان يوم الجمعة الـ23 من فبراير 2024م مرافعتها التاريخيَّة أمام محكمة العدْل الدوليَّة حَوْلَ «الممارسات الإسرائيليَّة ضدَّ حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينيَّة المُحتلَّة» وذلك في المرافعة الَّتي ألقاها نيابة عن حكومة السَّلطنة سعادة السَّفير الدكتور الشيخ عبدالله بن سالم الحارثي سفير سلطنة عُمان لدى مملكة نيذرلاندز. وتأتي المرافعة العُمانيَّة ضِمْن مرافعات عددٍ من الدوَل العربيَّة والإسلاميَّة ودوَل العالَم، في موقفٍ مسانِد وداعمٍ للقضيَّة الفلسطينيَّة، وتلبيةً لطلب الجمعيَّة العامَّة للأُمم المُتَّحدة الَّذي تقدَّمت به لمحكمة العدْل الدوليَّة في الـ30 من ديسمبر 2022م لتقديمِ رأيٍ استشاري حَوْلَ تطبيق القانون الدولي فيما يتعلَّق بالاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينيَّة والممارسات التوسعيَّة في الضفَّة الغربيَّة، وتغيير الواقع الجغرافي والديمغرافي في القدس الشريف؛ باعتبارها تداعيات خلَّفها الاحتلال «الإسرائيلي» للأراضي الفلسطينيَّة منذ عام 1967م. والمؤسف أنَّ كيان الاحتلال يواصل تلك الممارسات والاجتياحات المستمرَّة والاعتقالات والإجراءات التعسفيَّة رغم صدور القرار (242) الدَّاعي للانسحاب ورغم وضوح القانون الدولي في حقِّ تقرير المصير وحقِّ الشَّعب الفلسطيني في الدِّفاع عن أرضه بالكفاح المسلَّح كما تنصُّ عَلَيْه مواد القانون الدولي. وتأتي هذه المرافعة العُمانيَّة في وقتٍ يتعرض له الشَّعب الفلسطيني في قِطاع غزَّة إلى عدوان همجي وإبادة جماعيَّة استمرَّت حتَّى الآن (140) يومًا وسقط فيها (30) ألفَ شهيد، وما يقرب من (8) آلاف مفقود، و(70) ألفَ مصاب. ويواصل الاحتلال عدوانه وحصاره لقِطاع غزَّة في ظلِّ انعدام كُلِّ سُبل الحياة في عمليَّة حصار بربريَّة لمليونَيْنِ ونصف مليون مواطن فلسطيني استخدم فيها كُلَّ المحرَّمات الإنسانيَّة غير آبهٍ بالمواقف الدوليَّة الرَّسميَّة والشَّعبيَّة بعد إجماع دولي في الجمعيَّة العامَّة للأُمم المُتَّحدة بوقف إطلاق النَّار لضرورات إنسانيَّة، وبعد (3) جلسات لمجلس الأمن الدولي آخرها قَبل أيَّام بطلب من جمهوريَّة الجزائر أفشلَها الفيتو الأميركي الَّذي يقف حائلًا دُونَ تنفيذ القانون الدولي، بل يواصل دعمه ومساندته للعدوان الصهيوني على الأشقَّاء في قِطاع غزَّة، وكذلك هو الحال في مُدُن الضفَّة الغربيَّة الَّتي تتعرض لعدوان مستمرٍّ.
المرافعة العُمانيَّة وغيرها من المرافعات الدوليَّة كانت جليَّةً وواضحة حَوْلَ الانتهاكات الصهيونيَّة في الأراضي المُحتلَّة. ويُمكِن القول إنَّ هذه المرافعات تمَّت في لحظة تاريخيَّة مفصليَّة بعدما أدرك العالَم حجْم الجرائم الَّتي ارتكبها كيان الاحتلال المارق من دائرة الأُسرة الدوليَّة. وبلا شك أنَّ هذه المرافعات سوف تُسهم في تقديم رأيٍ استشاريٍّ إيجابي للجمعيَّة العامَّة للأُمم المُتَّحدة بعدما تعرَّى الكيان المحتلُّ أمام العالَم في التغوُّل على أبناء الشَّعب الفلسطيني كنتيجة للاحتلال غير الشرعي للأراضي الفلسطينيَّة.
المواقف العُمانيَّة في مناصرة القضيَّة الفلسطينيَّة تدعو للفخر والاعتزاز، وذلك على الصَّعيد الرَّسمي والشَّعبي، حيث تقف سلطنة عُمان عن بكرة أبيها موقفًا واحدًا مُشرِّفًا داعمًا للأشقَّاء في فلسطين، وهو بطبيعة الحال واجب شرعي وأخلاقي وعروبي ميَّز السَّلطنة إلى جانب عددٍ من الأشقَّاء في مناصرة الشَّعب الفلسطيني ودعم القضيَّة المحوريَّة الفلسطينيَّة حتَّى يتمَّ استعادة الحقوق الفلسطينيَّة بالتحرير وإقامة الدَّولة الفلسطينيَّة وعاصمتها القدس الشريف، وعودة اللاجئين، ووقفُ كُلِّ الانتهاكات الَّتي يمارسها كيان الاحتلال في الأراضي الفلسطينيَّة. وهناك مواقف عُمانيَّة عمليَّة منذ بداية معركة طوفان الأقصى والعدوان الصهيوني على قِطاع غزَّة، مِنْها عدم السَّماح للطيران الصهيوني بالمرور فوق الأراضي العُمانيَّة ومواقف الخارجيَّة العُمانيَّة والكلمات الَّتي قدَّمها مندوبو السَّلطنة عَبْرَ المنابر الدوليَّة، والمواقف الجزيلة للمؤسَّسة الدينيَّة الَّتي يصدح بها سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العامُّ لسلطنة عُمان، في تواكُب مستمرٍّ داعمٍ للأشقَّاء في فلسطين، وموقف الشَّعب العُماني والإعلام العُماني الَّذي يقف وقفات مُشرِّفة. فلَمْ تنقطع الوقفات الشَّعبيَّة والصَّلوات والخطب عن مناصرة الأشقَّاء، وتقوم الجمعيَّة العُمانيَّة للأعمال الخيريَّة بِدَوْرها في تقديم المساعدات الإنسانيَّة للأشقَّاء، وتقدَّمت السَّلطنة بمساهمة قدرها (3) ملايين دولار دعمًا لمنظَّمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيِّين «الأونروا» وذلك بتوجيهات سامية من المقام السَّامي لحضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق ـ أعزَّه الله ـ وجلالته يُتابع عن كثبٍ ويُسدي توجيهاته السَّامية ـ حفظه الله ورعاه ـ. لذا تأتي هذه المرافعة التاريخيَّة استكمالًا للدَّوْر العُماني المحوري الصَّادق في دعم القضيَّة الفلسطينيَّة. وسبق للخارجيَّة العُمانيَّة أن قدَّمت بيانات مُعبِّرة، مِنْها اعتبار حركة حماس حركة مقاومة، والتَّنديد بالفيتو الأميركي الَّذي يُمثِّل غطاءً مستمرًّا للعدوان الصهيوني، ودَعَتْ إلى محاكمة الكيان الصهيوني منذ بداية الأحداث العاصفة في قِطاع غزَّة. ونسأل الله أن تثمرَ هذه الجهود الخيِّرة في إعادة الحقوق الفلسطينيَّة ودعم صمود الأشقَّاء في فلسطين لمواجهة هذا العدوان الَّذي يُكمل شهْرَه الخامس في تجرُّد غير أخلاقي من القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، ونسأله تعالى النَّصر والتَّمكين، والنَّصر المُبِين للأشقَّاء في فلسطين، ولله الأمْرُ من قَبل ومن بَعد.
المواقف العُمانيَّة في مناصرة القضيَّة الفلسطينيَّة تدعو للفخر والاعتزاز، وذلك على الصَّعيد الرَّسمي والشَّعبي، حيث تقف سلطنة عُمان عن بكرة أبيها موقفًا واحدًا مُشرِّفًا داعمًا للأشقَّاء في فلسطين، وهو بطبيعة الحال واجب شرعي وأخلاقي وعروبي..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى